بعض أنواع السقوط لا يعادله مرارة سوى مرارة الموت فالبعض يسقط من العين والبعض يسقط من القلب والبعض يسقط من الذاكرة ...
والذي يسقط من العين يسقط بعد مراحل من الصدمة والدهشة والاستنكار والاحتقار ومحاولات فاشلة لتبرير اختياره....
أما سقوط القلب فانه يلي مراحل من الحب والحلم الجميل والإحساس بالضياع والندم ومحاولات فاشلة لإحياء مشاعر ماتت ....
أما سقوط الذاكرة فانه يبدأ بعد مراحل من التذكر والحنين وبعد معارك مريرة مع النسيان ناتجة عن الرغبة بأطياف أحداث انتهت وغالبا ما يكون سقوط الذاكرة هو آخر مراحل السقوط وهو أرحم أنواع السقوط ....
وليس بالضرورة أن الذي يسقط من عينيك يسقط من قلبك أو أن الذي يسقط من قلبك يسقط من ذاكرتك....
فلكل سقوط أسبابه التي قد لا تتأثر أو تؤثر في النوع الآخر من السقوط فالبعض يسقط من قلبك لكنه يظل محتفظا بمساحاته النقية في عينيك فيتحول إحساسك المتضخم بحبه إلى إحساس متضخم باحترامه فتعامله بتقدير امتنانا لقدرته في الاحتفاظ بصورته الملونة في عينيك برغم امتساح الصورة من قلبك فهذا النوع من البشر يجعلك تردد بينك وبين نفسك كلما تذكرته ......
أما المعاناة الكبرى :
فهي حين يسقط من عينك إنسان ما لكنه لا يسقط من قلبك ويظل معلقا بين مراحل سقوط القلب وسقوط العين وتبقى وحدك الضحية لأحاسيس مزعجة
تحبه لكنك بينك وبين نفسك تحتقره وربما أكثر من حبك له ....
ولأن الذاكرة كالطريق تلتقط معظم الوجوه التي تلتقيها والتي قد لا يعني لك أمرها شيئا فان سقوط الذاكرة هو أرحم أنواع السقوط لأنه آخر مراحل سقوطهم منك فالذي يسقط من الذاكرة لا يبقى في القلب ولا يبقى في العين........