الوسواس القهري: تعريفه و كيفية علاجه
الذين يشتكون من الوسواس القهري يعانون من الوحدة أو العزلة، يتخفون من الناس حتى لا يعتقد أحد أنهم مجانين (وهم ليسوا كذلك)، وربما تأثر عملهم من جراء الوساوس أو قد أثر الوسواس على حياتهم الاجتماعية، فأصبحت أسرة الموسوس متشابكة مع المريض بشكل يومي، حياتهم أصبحت أكثر تعقيدا بسبب الطقوس، وأصبحوا وكأن ليس لهم أي سيطرة على سلوكهم أو عاداتهم الشخصية.
هذه الوساوس ليست من الجن، ولا علاقة لها بأي قوة خارقة، بل هو مرض أصله في المخ كما أثبتت البحوث العلمية، والسبب هو التركيبة المضطربة في مقدمة المخ والتي تسببت في هذا المرض، فتتكرر وتتكرر عليك الوساوس ، ولعل أغرب ما في هذا المرض هو أنه يدافع عن نفسه وكأن له عقل خاص به.
تشير بعض الدراسات أن المرض قد يكون وراثيا ولكن لا يظهر إلا بعد أن يقع الشخص تحت ضغط أو إرهاق نفسي على سبيل المثال، ولقد دل البحث العلمي على أن السبب في مرض الوسواس القهري هو خلل في انتقال الرسائل من مقدمة المخ إلى أعماقه، ولانتقال الرسائل بشكل طبيعي يستخدم المخ مادة السروتونين (Serotonin) لنقل الرسائل بين الوصلات العصبية، فمرض الوسواس القهري يتعلق بنقصان مادة السروتونين. لذلك فإن الأطباء المختصين وبعد تشخيصهم لمرض الوسواس القهري يقومون في بعض الأحيان بإعطاء المرضى أدوية تزيد من نسبة مادة السروتونين حتى يسهل العلاج النفسي.
علاج الوسواس القهري:
هناك طرق للعلاج كثيرة، ولكن أكثرها نجاحا في الوقت الحالي هي طريقة الدكتور جيفري شواتز، والتي يكون المريض هو المعالج الشخصي لنفسه، فلن يحتاج إلى الطبيب النفسي للعلاج، فبهذه الطريقة يقوم المريض بالتعرض للوسواس ومن ثم يقاوم الاستجابة لهذه الوساوس، وقد قام الدكتور شواتز بشرح الطريقة للقيام بالعلاج في كتابه المشهور في الولايات المتحدة الأمريكية والذي اسمه: Brain Lock (قفل الدماغ، أو الدماغ المقفول)
والفكرة الأساسية تعتمد على معرفتك الحقيقة لهذه الوساوس، ومن خلال هذه المعرفة يمكن لك أن تدير هذه المخاوف وحالات القلق التي يسببها لك مرض الوسواس القهري، والتحكم بهذه المخاوف بالتالي سيسمح لك في التحكم بردود فعلك بطريقة أكثر فعالية، ستستخدم علم بيولوجي وإدراك واعي لمساعدتك للقيام بالتعرض ومنع الاستجابة لوحدك.
هذه الطريقة تتكون من أربع خطوات أساسية، وهي:
أعد التسمية
أعد النسبة
أعد التركيز
أعد التقييم
الهدف هو القيام بهذه الخطوات بشكل يومي، الخطوات الثلاث الأولى هي مهمة - بالأخص - في بداية العلاج، والعلاج الذاتي هو جزء رئيسي لهذا الأسلوب الذي يعلمك كيفية الاستجابة لمرض الوسواس القهري بشكل يومي، لنبدأ بتعلم الخطوات الأربع.
الخطوة الأولى: أعد التسمية
من خلال إعادة التسمية ستعرف أنه مهما كانت حقيقة شعورك بها فإن ما تقوله هذه الأفكار ليس حقيقيا، الهدف هو أن تتعلم كيف تقاومها، البحوث العلمية الحديثة في مرض الوسواس القهري أوضحت أنه من خلال تعلم كيفية مقاومة الوساوس والإلحاح من خلال العلاج السلوكي فإنه بإمكانك في الواقع تغيير الكيمياء الحيوية المتسببة في أعراض مرض الوسواس القهري،
الخطوة الثانية: أعد النسبة
النقطة الرئيسية في علاج السلوك الذاتي لعلاج مرض الوسواس القهري يمكن أن نجمله في كلمة واحدة: "لست أنا السبب، إنه مرض الوسواس القهري،" هذا هو نداءنا في هذه الحرب، هذه ذكرى أن وساوس وإلحاحات مرض الوسواس القهري ليست لها معنى، وأنها ليست سوى إشارات زائفة في المخ،
النقطة الرئيسية في إعادة النسبة هي أن تدرك أن التطفل والشدة الملوعان لأفكار مرض الوسواس القهري سببها حالة مرضية، بسبب الاختلال في كيمياحيوية المخ تصبح هذه الأفكار والإلحاحات شديدة التطفل، هذا هو السبب في أنها لا تغادر، بإلامكان تغيير الخلل في كيمياحيوية المخ عند إتباع أسلوب الأربع خطوات، و فهم الدور الذي يلعبه المخ في مرض الوسواس القهري من وساوس وإلحاحات سيساعد على تجنب واحدة من أكثر الأمور إضرارا وتحطيما للمعنويات والتي يقوم بها المصابين بالمرض، وهو المحاولة المحبطة للتخلص من الأفكار والإلحاحات.
الخطوة الثالثة: أعد التركيز
في عملية إعادة التركيز إنك لديك عمل عليك البدء فيه، لابد لك من تبديل الغيار بنفسك، بالجهد والإدراك الواعي وهذا العمل هو تعلمك متى تنتقل إلى سلوك آخر
الفكرة الكامنة في عملية إعادة التركيز هي أن تعمل من حول وساوس وإلحاحات مرض الوسواس القهري عن طريق تحويل الانتباه إلى شيء آخر، حتى ولو لبضع دقائق، في البداية من الممكن أن تختار سلوك معين لاستبدال التأكد القهري، من الممكن استبداله بأي عمل بناء وممتع ، كممارسة هواية مفضلة.
الخطوة الرابعة: إعادة التقييم
الهدف من الخطوات الثلاث المتقدمة هو استخدام علمك بمرض الوسواس القهري – كحالة مرضية سببها خلل كيمياحيوي في المخ – لمساعدتك في التوضيح أن هذا الشعور ليس كما يبدو ولأن ترفض أن تأخذ الوساوس والإلحاحات مأخذ الجد، ولكي تتجنب القيام بالطقوس الاضطرارية، ولكي تركز على عادات بناءة.بالإمكان فهم خطوتا إعادة التسمية وإعادة النسبة على أنهما مجهود جماعي يعمل صفا إلى صف مع إعادة التركيز، مجموع الجهود في الخطوات الثلاث هذه هو أكثر من عملها كل على انفراد، علميتا إعادة التسمية وإعادة النسبة يزيدان من كثافة التعلم أثناء الجهد المبذول في عملية التركيز، ونتيجة لذلك ستبدأ بعادة تقييم هذه الوساوس والإلحاحات على أنها - وقبل العلاج السلوكي - كانت وبلا تردد تدفعك إلى القيام بعادات قهرية، ولكن بعد ممارسة ملائمة للخطوات الثلاث السابقة ستكون قادرا مع الوقت لأن تعطي قيمة أصغر بكثير لوساوس وإلحاحات مرض الوسواس القهري.