جمال الطرابلسي Admin
عدد المساهمات : 228 تاريخ التسجيل : 10/11/2010
| موضوع: نهج البردة لأحمد شوقي( النص الكامل) الخميس مارس 17, 2011 10:17 pm | |
| ريمٌ عَلى القاعِ بَينَ البانِ وَالعَلَمِ = أَحَلَّ سَفكَ دَمي في الأَشهُرِ الحُرُمِ رَمى القَضاءُ بِعَينَي جُؤذَرٍ أَسَدًا = يا ساكِنَ القاعِ أَدرِك ساكِنَ الأَجَمِ لَمّا رَنا حَدَّثَتني النَفسُ قائِلَةً = يا وَيحَ جَنبِكَ بِالسَهمِ المُصيبِ رُمي جَحَدتُها وَكَتَمتُ السَهمَ في كَبِدي = جُرحُ الأَحِبَّةِ عِندي غَيرُ ذي أَلَمِ رُزِقتَ أَسمَحَ ما في الناسِ مِن خُلُقٍ = إِذا رُزِقتَ اِلتِماسَ العُذرِ في الشِيَمِ يا لائِمي في هَواهُ وَالهَوى قَدَرٌ = لَو شَفَّكَ الوَجدُ لَم تَعذِل وَلَم تَلُمِ لَقَد أَنَلتُكَ أُذنًا غَيرَ واعِيَةٍ = وَرُبَّ مُنتَصِتٍ وَالقَلبُ في صَمَمِ يا ناعِسَ الطَرفِ لا ذُقتَ الهَوى أَبَدًا = أَسهَرتَ مُضناكَ في حِفظِ الهَوى فَنَمِ أَفديكَ إِلفًا وَلا آلو الخَيالَ فِدًى = أَغراكَ باِلبُخلِ مَن أَغراهُ بِالكَرَمِ سَرى فَصادَفَ جُرحًا دامِيًا فَأَسا = وَرُبَّ فَضلٍ عَلى العُشّاقِ لِلحُلُمِ مَنِ المَوائِسُ بانًا بِالرُبى وَقَنًا = اللاعِباتُ بِروحي السافِحاتُ دَمي السافِراتُ كَأَمثالِ البُدورِ ضُحًى = يُغِرنَ شَمسَ الضُحى بِالحَليِ وَالعِصَمِ القاتِلاتُ بِأَجفانٍ بِها سَقَمٌ =وَلِلمَنِيَّةِ أَسبابٌ مِنَ السَقَمِ العاثِراتُ بِأَلبابِ الرِجالِ وَما = أُقِلنَ مِن عَثَراتِ الدَلِّ في الرَسَمِ المُضرِماتُ خُدودًا أَسفَرَتْ وَجَلَتْ = عَن فِتنَةٍ تُسلِمُ الأَكبادَ لِلضَرَمِ الحامِلاتُ لِواءَ الحُسنِ مُختَلِفًا = أَشكالُهُ وَهوَ فَردٌ غَيرُ مُنقَسِمِ مِن كُلِّ بَيضاءَ أَو سَمراءَ زُيِّنَتا = لِلعَينِ وَالحُسنُ في الآرامِ كَالعُصُمِ يُرَعنَ لِلبَصَرِ السامي وَمِن عَجَبٍ = إِذا أَشَرنَ أَسَرنَ اللَيثَ بِالعَنَمِ وَضَعتُ خَدّي وَقَسَّمتُ الفُؤادَ رُبًى = يَرتَعنَ في كُنُسٍ مِنهُ وَفي أَكَمِ يا بِنتَ ذي اللَبَدِ المُحَميِّ جانِبُهُ = أَلقاكِ في الغابِ أَم أَلقاكِ في الأُطُمِ ما كُنتُ أَعلَمُ حَتّى عَنَّ مَسكَنُهُ = أَنَّ المُنى وَالمَنايا مَضرِبُ الخِيَمِ مَن أَنبَتَ الغُصنَ مِن صَمصامَةٍ ذَكَرٍ = وَأَخرَجَ الريمَ مِن ضِرغامَةٍ قَرِمِ بَيني وَبَينُكِ مِن سُمرِ القَنا حُجُبٌ = وَمِثلُها عِفَّةٌ عُذرِيَّةُ العِصَمِ لَم أَغشَ مَغناكِ إِلا في غُضونِ كِرًى = مَغناكَ أَبعَدُ لِلمُشتاقِ مِن إِرَمِ يا نَفسُ دُنياكِ تُخفى كُلَّ مُبكِيَةٍ = وَإِن بَدا لَكِ مِنها حُسنُ مُبتَسَمِ فُضّي بِتَقواكِ فاهًا كُلَّما ضَحِكَتْ = كَما يَفُضُّ أَذى الرَقشاءِ بِالثَرَمِ مَخطوبَةٌ مُنذُ كانَ الناسُ خاطِبَةٌ = مِن أَوَّلِ الدَهرِ لَم تُرمِل وَلَم تَئَمِ يَفنى الزَمانُ وَيَبقى مِن إِساءَتِها = جُرحٌ بِآدَمَ يَبكي مِنهُ في الأَدَمِ لا تَحفَلي بِجَناها أَو جِنايَتِها = المَوتُ بِالزَهرِ مِثلُ المَوتِ بِالفَحَمِ كَم نائِمٍ لا يَراها وَهيَ ساهِرَةٌ = لَولا الأَمانِيُّ وَالأَحلامُ لَم يَنَمِ طَورًا تَمُدُّكَ في نُعمى وَعافِيَةٍ = وَتارَةً في قَرارِ البُؤسِ وَالوَصَمِ كَم ضَلَّلَتكَ وَمَن تُحجَب بَصيرَتُهُ = إِن يَلقَ صابا يَرِد أَو عَلقَمًا يَسُمُ يا وَيلَتاهُ لِنَفسي راعَها وَدَها = مُسوَدَّةُ الصُحفِ في مُبيَضَّةِ اللَمَمِ رَكَضتُها في مَريعِ المَعصِياتِ وَما = أَخَذتُ مِن حِميَةِ الطاعاتِ لِلتُخَمِ هامَت عَلى أَثَرِ اللَذّاتِ تَطلُبُها = وَالنَفسُ إِن يَدعُها داعي الصِبا تَهِمِ صَلاحُ أَمرِكَ لِلأَخلاقِ مَرجِعُهُ = فَقَوِّمِ النَفسَ بِالأَخلاقِ تَستَقِمِ وَالنَفسُ مِن خَيرِها في خَيرِ عافِيَةٍ = وَالنَفسُ مِن شَرِّها في مَرتَعٍ وَخِمِ تَطغى إِذا مُكِّنَت مِن لَذَّةٍ وَهَوًى = طَغيَ الجِيادِ إِذا عَضَّت عَلى الشُكُمِ إِن جَلَّ ذَنبي عَنِ الغُفرانِ لي أَمَلٌ = في اللَهِ يَجعَلُني في خَيرِ مُعتَصِمِ أَلقى رَجائي إِذا عَزَّ المُجيرُ عَلى = مُفَرِّجِ الكَرَبِ في الدارَينِ وَالغَمَمِ إِذا خَفَضتُ جَناحَ الذُلِّ أَسأَلُهُ = عِزَّ الشَفاعَةِ لَم أَسأَل سِوى أُمَمِ وَإِن تَقَدَّمَ ذو تَقوى بِصالِحَةٍ = قَدَّمتُ بَينَ يَدَيهِ عَبرَةَ النَدَمِ لَزِمتُ بابَ أَميرِ الأَنبِياءِ وَمَن = يُمسِك بِمِفتاحِ بابِ اللهِ يَغتَنِمِ فَكُلُّ فَضلٍ وَإِحسانٍ وَعارِفَةٍ = ما بَينَ مُستَلِمٍ مِنهُ وَمُلتَزِمِ عَلَّقتُ مِن مَدحِهِ حَبلاً أُعَزُّ بِهِ = في يَومِ لا عِزَّ بِالأَنسابِ وَاللُّحَمِ يُزري قَريضي زُهَيرًا حينَ أَمدَحُهُ = وَلا يُقاسُ إِلى جودي لَدى هَرِمِ مُحَمَّدٌ صَفوَةُ الباري وَرَحمَتُهُ = وَبُغيَةُ اللهِ مِن خَلقٍ وَمِن نَسَمِ وَصاحِبُ الحَوضِ يَومَ الرُسلِ سائِلَةٌ = مَتى الوُرودُ وَجِبريلُ الأَمينُ ظَمي سَناؤُهُ وَسَناهُ الشَمسُ طالِعَةً = فَالجِرمُ في فَلَكٍ وَالضَوءُ في عَلَمِ قَد أَخطَأَ النَجمَ ما نالَت أُبُوَّتُهُ = مِن سُؤدُدٍ باذِخٍ في مَظهَرٍ سَنِمِ نُموا إِلَيهِ فَزادوا في الوَرى شَرَفًا = وَرُبَّ أَصلٍ لِفَرعٍ في الفَخارِ نُمي حَواهُ في سُبُحاتِ الطُهرِ قَبلَهُمُ =نورانِ قاما مَقامَ الصُلبِ وَالرَحِمِ لَمّا رَآهُ بَحيرًا قالَ نَعرِفُهُ = بِما حَفِظنا مِنَ الأَسماءِ وَالسِيَمِ سائِل حِراءَ وَروحَ القُدسِ هَل عَلِما = مَصونَ سِرٍّ عَنِ الإِدراكِ مُنكَتِمِ كَم جَيئَةٍ وَذَهابٍ شُرِّفَتْ بِهِما = بَطحاءُ مَكَّةَ في الإِصباحِ وَالغَسَمِ وَوَحشَةٍ لِاِبنِ عَبدِ اللَهِ بينَهُما = أَشهى مِنَ الأُنسِ بِالأَحسابِ وَالحَشَمِ يُسامِرُ الوَحيَ فيها قَبلَ مَهبِطِهِ = وَمَن يُبَشِّر بِسيمى الخَيرِ يَتَّسِمِ لَمّا دَعا الصَحبُ يَستَسقونَ مِن ظَمَإٍ =فاضَت يَداهُ مِنَ التَسنيمِ بِالسَنَمِ وَظَلَّلَتهُ فَصارَت تَستَظِلُّ بِهِ =غَمامَةٌ جَذَبَتها خيرَةُ الدِيَمِ مَحَبَّةٌ لِرَسولِ اللَهِ أُشرِبَها = قَعائِدُ الدَيرِ وَالرُهبانُ في القِمَمِ إِنَّ الشَمائِلَ إِن رَقَّت يَكادُ بِها = يُغرى الجَمادُ وَيُغرى كُلُّ ذي نَسَمِ وَنودِيَ اِقرَأ تَعالى اللهُ قائِلُها =لَم تَتَّصِل قَبلَ مَن قيلَت لَهُ بِفَمِ هُناكَ أَذَّنَ لِلرَحَمَنِ فَاِمتَلأَتْ = أَسماعُ مَكَّةَ مِن قُدسِيَّةِ النَغَمِ فَلا تَسَل عَن قُرَيشٍ كَيفَ حَيرَتُها = وَكَيفَ نُفرَتُها في السَهلِ وَالعَلَمِ تَساءَلوا عَن عَظيمٍ قَد أَلَمَّ بِهِمْ = رَمى المَشايِخَ وَالوِلدانِ بِاللَمَمِ يا جاهِلينَ عَلى الهادي وَدَعوَتِهِ = هَل تَجهَلونَ مَكانَ الصادِقِ العَلَمِ لَقَّبتُموهُ أَمينَ القَومِ في صِغَرٍ = وَما الأَمينُ عَلى قَولٍ بِمُتَّهَمِ فاقَ البُدورَ وَفاقَ الأَنبِياءَ فَكَمْ = بِالخُلقِ وَالخَلقِ مِن حُسنٍ وَمِن عِظَمِ جاءَ النبِيّونَ بِالآياتِ فَاِنصَرَمَتْ = وَجِئتَنا بِحَكيمٍ غَيرِ مُنصَرِمِ آياتُهُ كُلَّما طالَ المَدى جُدُدٌ = زينُهُنَّ جَلالُ العِتقِ وَالقِدَمِ يَكادُ في لَفظَةٍ مِنهُ مُشَرَّفَةٍ = يوصيكَ بِالحَقِّ وَالتَقوى وَبِالرَحِمِ يا أَفصَحَ الناطِقينَ الضادَ قاطِبَةً = حَديثُكَ الشَهدُ عِندَ الذائِقِ الفَهِمِ حَلَّيتَ مِن عَطَلٍ جِيدَ البَيانِ بِهِ = في كُلِّ مُنتَثِرٍ في حُسنِ مُنتَظِمِ بِكُلِّ قَولٍ كَريمٍ أَنتَ قائِلُهُ = تُحيِ القُلوبَ وَتُحيِ مَيِّتَ الهِمَمِ سَرَت بَشائِرُ باِلهادي وَمَولِدِهِ = في الشَرقِ وَالغَربِ مَسرى النورِ في الظُلَمِ تَخَطَّفَتْ مُهَجَ الطاغينَ مِن عَرَبٍ = وَطَيَّرَت أَنفُسَ الباغينَ مِن عُجُمِ ريعَت لَها شَرَفُ الإيوانِ فَاِنصَدَعَتْ = مِن صَدمَةِ الحَقِّ لا مِن صَدمَةِ القُدُمِ أَتَيتَ وَالناسُ فَوضى لا تَمُرُّ بِهِمْ =الا عَلى صَنَمٍ قَد هامَ في صَنَمِ وَالأَرضُ مَملوءَةٌ جَورًا مُسَخَّرَةٌ = كُلِّ طاغِيَةٍ في الخَلقِ مُحتَكِمِ مُسَيطِرُ الفُرسِ يَبغي في رَعِيَّتِهِ = وَقَيصَرُ الرومِ مِن كِبرٍ أَصَمُّ عَمِ يُعَذِّبانِ عِبادَ اللَهِ في شُبَهٍ = وَيَذبَحانِ كَما ضَحَّيتَ بِالغَنَمِ وَالخَلقُ يَفتِكُ أَقواهُمْ بِأَضعَفِهِمْ = كَاللَيثِ بِالبَهْمِ أَو كَالحوتِ بِالبَلَمِ أَسرى بِكَ اللَهُ لَيلاً إِذ مَلائِكُهُ = وَالرُسلُ في المَسجِدِ الأَقصى عَلى قَدَمِ لَمّا خَطَرتَ بِهِ اِلتَفّوا بِسَيِّدِهِمْ = كَالشُهبِ بِالبَدرِ أَو كَالجُندِ بِالعَلَمِ صَلّى وَراءَكَ مِنهُمْ كُلُّ ذي خَطَرٍ = وَمَن يَفُز بِحَبيبِ اللهِ يَأتَمِمِ جُبتَ السَماواتِ أَو ما فَوقَهُنَّ بِهِمْ= عَلى مُنَوَّرَةٍ دُرِّيَّةِ اللُجُمِ رَكوبَةً لَكَ مِن عِزٍّ وَمِن شَرَفٍ = لا في الجِيادِ وَلا في الأَينُقِ الرُسُمِ مَشيئَةُ الخالِقِ الباري وَصَنعَتُهُ = وَقُدرَةُ اللهِ فَوقَ الشَكِّ وَالتُهَمِ حَتّى بَلَغتَ سَماءً لا يُطارُ لَها = عَلى جَناحٍ وَلا يُسعى عَلى قَدَمِ وَقيلَ كُلُّ نَبِيٍّ عِندَ رُتبَتِهِ = وَيا مُحَمَّدُ هَذا العَرشُ فَاستَلِمِ خَطَطتَ لِلدينِ وَالدُنيا عُلومَهُما = يا قارِئَ اللَوحِ بَل يا لامِسَ القَلَمِ أَحَطتَ بَينَهُما بِالسِرِّ وَانكَشَفَت = لَكَ الخَزائِنُ مِن عِلمٍ وَمِن حِكَمِ وَضاعَفَ القُربُ ما قُلِّدتَ مِن مِنَنٍ = بِلا عِدادٍ وَما طُوِّقتَ مِن نِعَمِ سَل عُصبَةَ الشِركِ حَولَ الغارِ سائِمَةً = لَولا مُطارَدَةُ المُختارِ لَم تُسَمَ هَل أَبصَروا الأَثَرَ الوَضّاءَ أَم سَمِعوا = هَمسَ التَسابيحِ وَالقُرآنِ مِن أُمَمِ وَهَل تَمَثَّلَ نَسجُ العَنكَبوتِ لَهُمْ = كالغابِ وَالحائِماتُ الزُغْبُ كَالرُخَمِ فَأَدبَروا وَوُجوهُ الأَرضِ تَلعَنُهُمْ = كَباطِلٍ مِن جَلالِ الحَقِّ مُنهَزِمِ لَولا يَدُ اللهِ بِالجارَينِ ما سَلِما = وَعَينُهُ حَولَ رُكنِ الدينِ لَم يَقُمِ تَوارَيا بِجَناحِ اللهِ وَاستَتَرا = وَمَن يَضُمُّ جَناحُ اللهِ لا يُضَمِ يا أَحمَدَ الخَيرِ لي جاهٌ بِتَسمِيَتي = وَكَيفَ لا يَتَسامى بِالرَسولِ سَمي المادِحونَ وَأَربابُ الهَوى تَبَعٌ = لِصاحِبِ البُردَةِ الفَيحاءِ ذي القَدَمِ مَديحُهُ فيكَ حُبٌّ خالِصٌ وَهَوًى = وَصادِقُ الحُبِّ يُملي صادِقَ الكَلَمِ اللهُ يَشهَدُ أَنّي لا أُعارِضُهُ = من ذا يُعارِضُ صَوبَ العارِضِ العَرِمِ وَإِنَّما أَنا بَعضُ الغابِطينَ وَمَنْ = يَغبِط وَلِيَّكَ لا يُذمَم وَلا يُلَمِ هَذا مَقامٌ مِنَ الرَحمَنِ مُقتَبَسٌ = تَرمي مَهابَتُهُ سَحبانَ بِالبَكَمِ البَدرُ دونَكَ في حُسنٍ وَفي شَرَفٍ = وَالبَحرُ دونَكَ في خَيرٍ وَفي كَرَمِ شُمُّ الجِبالِ إِذا طاوَلتَها انخَفَضَتْ = وَالأَنجُمُ الزُهرُ ما واسَمتَها تَسِمِ وَاللَيثُ دونَكَ بَأسًا عِندَ وَثبَتِهِ = إِذا مَشَيتَ إِلى شاكي السِلاحِ كَمي تَهفو إِلَيكَ وَإِن أَدمَيتَ حَبَّتَها = في الحَربِ أَفئِدَةُ الأَبطالِ وَالبُهَمِ مَحَبَّةُ اللَهِ أَلقاها وَهَيبَتُهُ = عَلى اِبنِ آمِنَةٍ في كُلِّ مُصطَدَمِ كَأَنَّ وَجهَكَ تَحتَ النَقعِ بَدرُ دُجًى = ضيءُ مُلتَثِمًا أَو غَيرَ مُلتَثِمِ بَدرٌ تَطَلَّعَ في بَدرٍ فَغُرَّتُهُ = كَغُرَّةِ النَصرِ تَجلو داجِيَ الظُلَمِ ذُكِرتَ بِاليُتمِ في القُرآنِ تَكرِمَةً = وَقيمَةُ اللُؤلُؤِ المَكنونِ في اليُتُمِ اللهُ قَسَّمَ بَينَ الناسِ رِزقَهُمُ = وَأَنتَ خُيِّرتَ في الأَرزاقِ وَالقِسَمِ إِن قُلتَ في الأَمرِ «لا» أَو قُلتَ فيهِ «نَعَم» = فَخيرَةُ اللهِ في «لا» مِنكَ أَو «نَعَمِ» أَخوكَ عيسى دَعا مَيتًا فَقامَ لَهُ = وَأَنتَ أَحيَيتَ أَجيالاً مِنَ الزَّمَمِ وَالجَهلُ مَوتٌ فَإِن أوتيتَ مُعجِزَةً = فَابعَث مِنَ الجَهلِ أَو فَابعَث مِنَ الرَجَمِ قالوا غَزَوتَ وَرُسلُ اللَهِ ما بُعِثوا = لِقَتلِ نَفسٍ وَلا جاؤوا لِسَفكِ دَمِ جَهلٌ وَتَضليلُ أَحلامٍ وَسَفسَطَةٌ = فَتَحتَ بِالسَيفِ بَعدَ الفَتحِ بِالقَلَمِ لَمّا أَتى لَكَ عَفوًا كُلُّ ذي حَسَبٍ = تَكَفَّلَ السَيفُ بِالجُهّالِ وَالعَمَمِ وَالشَرُّ إِن تَلقَهُ بِالخَيرِ ضِقتَ بِهِ = ذَرعًا وَإِن تَلقَهُ بِالشَرِّ يَنحَسِمِ سَلِ المَسيحِيَّةَ الغَرّاءَ كَم شَرِبَتْ = بِالصابِ مِن شَهَواتِ الظالِمِ الغَلِمِ طَريدَةُ الشِركِ يُؤذيها وَيوسِعُها = في كُلِّ حينٍ قِتالاً ساطِعَ الحَدَمِ لَولا حُماةٌ لَها هَبّوا لِنُصرَتِها = بِالسَيفِ ما انتَفَعَت بِالرِفقِ وَالرُحَمِ لَولا مَكانٌ لِعيسى عِندَ مُرسِلِهِ = وَحُرمَةٌ وَجَبَت لِلروحِ في القِدَمِ لَسُمِّرَ البَدَنُ الطُهْرُ الشَريفُ عَلى = لَوحَينِ لَم يَخشَ مُؤذيهِ وَلَم يَجِمِ جَلَّ المَسيحُ وَذاقَ الصَلبَ شانِئُهُ = إِنَّ العِقابَ بِقَدرِ الذَنبِ وَالجُرُمِ أَخو النَبِيِّ وَروحُ اللهِ في نُزُلٍ = فَوقَ السَماءِ وَدونَ العَرشِ مُحتَرَمِ عَلَّمتَهُمْ كُلَّ شَيءٍ يَجهَلونَ بِهِ = حَتّى القِتالَ وَما فيهِ مِنَ الذِّمَمِ دَعَوتَهُمْ لِجِهادٍ فيهِ سُؤدُدُهُمْ = وَالحَربُ أُسُّ نِظامِ الكَونِ وَالأُمَمِ لَولاهُ لَم نَرَ لِلدَولاتِ في زَمَنٍ = ما طالَ مِن عُمُدٍ أَو قَرَّ مِن دُهُمِ تِلكَ الشَواهِدُ تَترى كُلَّ آوِنَةٍ = في الأَعصُرِ الغُرِّ لا في الأَعصُرِ الدُهُمِ بِالأَمسِ مالَت عُروشٌ وَاعتَلَتْ سُرُرٌ = لَولا القَذائِفُ لَم تَثلَمْ وَلَم تَصُمِ أَشياعُ عيسى أَعَدّوا كُلَّ قاصِمَةٍ = وَلَم نُعِدَّ سِوى حالاتِ مُنقَصِمِ مَهما دُعيتَ إِلى الهَيجاءِ قُمتَ لَها = تَرمي بِأُسْدٍ وَيَرمي اللهُ بِالرُجُمِ عَلى لِوائِكَ مِنهُم كُلُّ مُنتَقِمٍ = للهِ مُستَقتِلٍ في اللهِ مُعتَزِمِ مُسَبِّحٍ لِلِقاءِ اللهِ مُضطَرِمٍ = شَوقًا عَلى سابِخٍ كَالبَرقِ مُضطَرِمِ لَو صادَفَ الدَهرَ يَبغي نَقلَةً فَرَمى = بِعَزمِهِ في رِحالِ الدَهرِ لَم يَرِمِ بيضٌ مَفاليلُ مِن فِعلِ الحُروبِ بِهِمْ = مِن أَسيُفِ اللهِ لا الهِندِيَّةُ الخُذُمُ كَم في التُرابِ إِذا فَتَّشتَ عَن رَجُلٍ = مَن ماتَ بِالعَهدِ أَو مَن ماتَ بِالقَسَمِ لَولا مَواهِبُ في بَعضِ الأَنامِ لَما = تَفاوَتَ الناسُ في الأَقدارِ وَالقِيَمِ شَريعَةٌ لَكَ فَجَّرتَ العُقولَ بِها = عَن زاخِرٍ بِصُنوفِ العِلمِ مُلتَطِمِ يَلوحُ حَولَ سَنا التَوحيدِ جَوهَرُها = كَالحَليِ لِلسَيفِ أَو كَالوَشيِ لِلعَلَمِ غَرّاءُ حامَتْ عَلَيها أَنفُسٌ وَنُهًى = وَمَن يَجِد سَلسَلاً مِن حِكمَةٍ يَحُمِ نورُ السَبيلِ يُساسُ العالَمونَ بِها = تَكَفَّلَتْ بِشَبابِ الدَهرِ وَالهَرَمِ يَجري الزَمانُ وَأَحكامُ الزَمانِ عَلى = حُكمٍ لَها نافِذٍ في الخَلقِ مُرتَسِمِ ّا اعتَلَت دَولَةُ الإِسلامِ وَاتَّسَعَتْ = مَشَتْ مَمالِكُهُ في نورِها التَّمَمِ وَعَلَّمَتْ أُمَّةً بِالقَفرِ نازِلَةً = رَعيَ القَياصِرِ بَعدَ الشاءِ وَالنَعَمِ كَم شَيَّدَ المُصلِحونَ العامِلونَ بِها = في الشَرقِ وَالغَربِ مُلكًا باذِخَ العِظَمِ لِلعِلمِ وَالعَدلِ وَالتَمدينِ ما عَزَموا = مِنَ الأُمورِ وَما شَدّوا مِنَ الحُزُمِ سُرعانَ ما فَتَحوا الدُنيا لِمِلَّتِهِمْ = وَأَنهَلوا الناسَ مِن سَلسالِها الشَبِمِ ساروا عَلَيها هُداةَ الناسِ فَهيَ بِهِمْ = إِلى الفَلاحِ طَريقٌ واضِحُ العَظَمِ لا يَهدِمُ الدَهرُ رُكنًا شادَ عَدلَهُمُ = وَحائِطُ البَغيِ إِن تَلمَسهُ يَنهَدِمِ نالوا السَعادَةَ في الدارَينِ وَاِجتَمَعوا = عَلى عَميمٍ مِنَ الرُضوانِ مُقتَسَمِ دَع عَنكَ روما وَآثينا وَما حَوَتا = كُلُّ اليَواقيتِ في بَغدادَ وَالتُوَمِ وَخَلِّ كِسرى وَإيوانًا يَدِلُّ بِهِ = هَوى عَلى أَثَرِ النيرانِ وَالأَيُمِ وَاترُك رَعمَسيسَ إِنَّ المُلكَ مَظهَرُهُ = في نَهضَةِ العَدلِ لا في نَهضَةِ الهَرَمِ دارُ الشَرائِعِ روما كُلَّما ذُكِرَتْ = دارُ السَلامِ لَها أَلقَتْ يَدَ السَلَمِ ما ضارَعَتها بَيانًا عِندَ مُلتَأَمٍ = وَلا حَكَتها قَضاءً عِندَ مُختَصَمِ وَلا احتَوَت في طِرازٍ مِن قَياصِرِها = عَلى رَشيدٍ وَمَأمونٍ وَمُعتَصِمِ مَنِ الَّذينَ إِذا سارَت كَتائِبُهُمْ = تَصَرَّفوا بِحُدودِ الأَرضِ وَالتُخَمِ وَيَجلِسونَ إِلى عِلمٍ وَمَعرِفَةٍ = فَلا يُدانَونَ في عَقلٍ وَلا فَهَمِ يُطَأطِئُ العُلَماءُ الهامَ إِن نَبَسوا = مِن هَيبَةِ العِلمِ لا مِن هَيبَةِ الحُكُمِ وَيُمطَرونَ فَما بِالأَرضِ مِن مَحَلٍ = وَلا بِمَن باتَ فَوقَ الأَرضِ مِن عُدُمِ خَلائِفُ اللهِ جَلّوا عَن مُوازَنَةٍ = فَلا تَقيسَنَّ أَملاكَ الوَرى بِهِمِ مَن في البَرِيَّةِ كَالفاروقِ مَعدَلَةً = وَكَابنِ عَبدِ العَزيزِ الخاشِعِ الحَشِمِ وَكَالإِمامِ إِذا ما فَضَّ مُزدَحِمًا = بِمَدمَعٍ في مَآقي القَومِ مُزدَحِمِ الزاخِرُ العَذبُ في عِلمٍ وَفي أَدَبٍ = وَالناصِرُ النَدبُ في حَربٍ وَفي سَلَمِ أَو كَابنِ عَفّانَ وَالقُرآنُ في يَدِهِ = يَحنو عَلَيهِ كَما تَحنو عَلى الفُطُمِ وَيَجمَعُ الآيَ تَرتيبًا وَيَنظُمُها = عِقدًا بِجيدِ اللَيالي غَيرَ مُنفَصِمِ جُرحانِ في كَبِدِ الإِسلامِ ما اِلتَأَما = جُرحُ الشَهيدِ وَجُرحٌ بِالكِتابِ دَمي وَما بَلاءُ أَبي بَكرٍ بِمُتَّهَمٍ = بَعدَ الجَلائِلِ في الأَفعالِ وَالخِدَمِ بِالحَزمِ وَالعَزمِ حاطَ الدينَ في مِحَنٍ = أَضَلَّتِ الحُلمَ مِن كَهلٍ وَمُحتَلِمِ وَحِدنَ بِالراشِدِ الفاروقِ عَن رُشدٍ = في المَوتِ وَهوَ يَقينٌ غَيرُ مُنبَهِمِ يُجادِلُ القَومَ مُستَلًّا مُهَنَّدَهُ = في أَعظَمِ الرُسلِ قَدرًا كَيفَ لَم يَدُمِ لا تَعذُلوهُ إِذا طافَ الذُهولُ بِهِ = ماتَ الحَبيبُ فَضَلَّ الصَبُّ عَن رَغَمِ يا رَبِّ صَلِّ وَسَلِّم ما أَرَدتَ عَلى = نَزيلِ عَرشِكَ خَيرِ الرُسلِ كُلِّهِمِ مُحيِ اللَيالي صَلاةً لا يُقَطِّعُها = إِلا بِدَمعٍ مِنَ الإِشفاقِ مُنسَجِمِ مُسَبِّحًا لَكَ جُنحَ اللَيلِ مُحتَمِلاً = ضُرًّا مِنَ السُهدِ أَو ضُرًّا مِنَ الوَرَمِ رَضِيَّةٌ نَفسُهُ لا تَشتَكي سَأَمًا = وَما مَعَ الحُبِّ إِن أَخلَصتَ مِن سَأَمِ وَصَلِّ رَبّي عَلى آلٍ لَهُ نُخَبٍ = جَعَلتَ فيهِم لِواءَ البَيتِ وَالحَرَمِ بيضُ الوُجوهِ وَوَجهُ الدَهرِ ذو حَلَكٍ = شُمُّ الأُنوفِ وَأَنفُ الحادِثاتِ حَمى وَأَهدِ خَيرَ صَلاةٍ مِنكَ أَربَعَةً = في الصَحبِ صُحبَتُهُم مَرعِيَّةُ الحُرَمِ الراكِبينَ إِذا نادى النَبِيُّ بِهِمْ = ما هالَ مِن جَلَلٍ وَاشتَدَّ مِن عَمَمِ الصابِرينَ وَنَفسُ الأَرضِ واجِفَةٌ = الضاحِكينَ إِلى الأَخطارِ وَالقُحَمِ يا رَبِّ هَبَّتْ شُعوبٌ مِن مَنِيَّتِها = وَاستَيقَظَت أُمَمٌ مِن رَقدَةِ العَدَمِ سَعدٌ وَنَحسٌ وَمُلكٌ أَنتَ مالِكُهُ = تُديلُ مِن نِعَمٍ فيهِ وَمِن نِقَمِ رَأى قَضاؤُكَ فينا رَأيَ حِكمَتِهِ = أَكرِم بِوَجهِكَ مِن قاضٍ وَمُنتَقِمِ فَالطُف لأَجلِ رَسولِ العالَمينَ بِنا = وَلا تَزِد قَومَهُ خَسفًا وَلا تُسِمِ يا رَبِّ أَحسَنتَ بَدءَ المُسلِمينَ بِهِ = فَتَمِّمِ الفَضلَ وَاِمنَح حُسنَ مُختَتَمِ | |
|