جمال الطرابلسي Admin
عدد المساهمات : 228 تاريخ التسجيل : 10/11/2010
| موضوع: البلبل الغريب لبدوي الجبل السبت أبريل 23, 2011 8:29 pm | |
| البلبل الغريب للشاعر الكبير بدوي الجبل وهي من أروع قصائد حب الوطن وطنه العظيم سوريا العظيمة
سلي الجمر هل غالى وجنّ و عذّبا كفرت به حتّى يشوق و يعذبا و لا تحرميني جذوة بعد جذوة فما اخضلّ هذا القلب حتّى تلهّبا و ما نال معنى القلب إلاّ لأنّه تمرّغ في سكب اللّظى و تقلّبا هبيني حزنا لم يمرّ بمهجة فما كنت أرضى منك حزنا مجرّبا و صوغيه لي وحدي فريدا و أشفقي على سرّه المكنون أن يتسرّبا مصونا كأغلى الدرّ عزّ يتيمه فأودع في أخفى الكنوز و غيّبا و صوغيه مشبوب اللّظى و تخيّري لآلامه ما كان أقسى و أغربا و صوغيه كالفنّان يبدع تحفه و يرمقها نشوان هيمان معجبا فما الحزن إلاّ كالجمال ، أحبّه و أترفه ، ما كان أنأى و أصعبا خيالك يا سمراء ، مرّ بغربتي فحيّا و رحّبنا طويلا و رحّبا جلاك لعيني مقلتين و ناهدا و ثغرا كمطول الرياحين أشنبا فصانك حبّي في الخيال كرامة و همّ بما يهواه لكن تهيّبا و بعض الهوى كالغيث إن فاض تألّق و بعض الهوى كالغيث إن فاض خرّبا أرى طيفك المعسول في كلّ ما أرى وحدت و لكن لم أجد منه مهربا سقاني الهوى كأسين : يأسا و نعمة فيالك من طيف أراح و أتعبا و خالط أجفاني على السّهد و الكرى فكان إلى عيني من الجفن أقربا شكونا له السّمراء حتّى رثى لنا و جرّأنا حتّى عتبنا فأعتبنا و ناولني من أرز لبنان نفحة فعطّر أحزاني و ندّى و خضّبا و ثنّى بريّا الغوطتين يذيعها فهدهد أحلامي وأغلى و طيّبا و هل دلّلت لي الغوطتان لبانة أحبّ من النعمى و أحلى و أعذبا وسيما من الأطفال لولاه لم أخف _ على الشيب_ أن أنأى و أن أتغرّبا تودّ النّجوم الزهر لو أنّها دمى ليختار منها المترفات و يلعبا و عندي كنوز من حنان و رحمة نعيمي أن يغرى بهنّ و ينهبا يجور و بعض الجور حلو محبّب و لم أر قبل الطفل ظلما محبّبا و يغضب أحيانا و يرضى و حسبنا من الصفو أن يرضى علينا و يغضبا و إن ناله سقم تمنّيت أنّني فداء له كنت السقيم المعذّبا و يوجز فيما يشتهي و كأنّه بإيجازه دلاّ أعاد و أسهبا يزفّ لنا الأعياد عيدا إذا خطا و عيدا إذا ناغى و عيدا إذا حبا كزغب القطا لو أنّه راح صاديا سكبت له عيني و قلبي ليشربا و أوثر أن يروى و يشبع ناعما و أظمأ في النعمى عليه و أسغبا و ألثم في داج من الخطب ثغره فأقطف منه كوكبا ثمّ كوكبا ينام على أشواف قلبي بمهده حريرا من الوشي اليمانيّ مذهبا و أسدل أجفاني غطاء يظلّه و ياليتها كانت أحنّ و أحدبا و حمّلني أن أقبل الضيم صابرا و أرغب تحنانا عليه و أرهبا فأعطيت أهواء الخطوب أعنّتي كما اقتدت فحلا معرق الزّهو مصعبا تأبّى طويلا أن يقاد .. و راضه زمان فراخى من جماح و أصحبا تدلّهت بالإيثار كهلا و يافعا فدلّلته جدّا و أرضيته أبا و تخفق في قلبي قلوب عديدة لقد كان شعبا واحدا فتشعّبا *** و يا ربّ من أجل الطفولة وحدها أفض بركات السلم شرقا و مغربا و ردّ الأذى عن كلّ شعب و إن يكن كفورا و أحببه و إن كان مذنبا و صن ضحكة الأطفال يا ربّ إنّها إذا غرّدت في موحش الرمل أعشبا ملائك لا الجنّات أنجبن مثلهم و لا خلدها _ أستغفر الله _ أنجبا و يا ربّ حبّب كلّ طفل فلا يرى و إن لجّ في الإعنات وجها مقطّبا و هيّئ له في كلّ قلب صبابة و في كلّ لقيا مرحبا ثمّ مرحبا و يا ربّ : إنّ القلب ملكك إن تشأ رددت محيل القلب ريّان مخصبا *** و يا ربّ في ضيق الزّمان و عسره أرى الصّبر آفاقا أعزّ و أرحبا صليب على غمز الخطوب و عسفها و لولا زغاليل القطا كنت أصلبا و لي صاحب أعقيته من موّدتي و ما كان مجنون الغرور ليصحبا غريبان لكنّي وفي و ما وفى و نازع حبل الودّ حتّى تقضّبا و با ربّ هذي مهجتي و جراحها سيبقين إلاّ عنك سرّا محجّبا فما عرفت إلاّ قبور أحبّتي و إلاّ لداتي في دجى الموت غيّبا و ما لمت في سكب الدّموع فلم تكن خلقت دموع العين إلاّ لتسكبا و لكنّ لي في صون دمعي مذهبا فمن شاء عاناه و من شاء نكّبا *** و يا ربّ لأحزاني وضاء كأنّني سكبت عليهنّ الأصيل المذهّبا ترصّد نجم الصبح منهنّ نظرة و أشرف من عليائه و ترقّبا فأرخيت آلاف الستور كأنّني أمدّ على حال من النّور غيهبا فغوّر نجم الصّبح يأسا و ما أرى على طهره _ حتّى بنانا مخضّبا و قد تبهر الأحزان و هي سوافر و لكنّ أحلاهنّ حزن تنقّبا *** و يا ربّ : درب الحياة سلكته و ما حدت عنه لو عرفت المغيّبا و لي وطن أكبرته عن ملامة و أغليه أن يدعى _ على الذّنب مذنبا و أغليه حتّى قذ فتحت جوانحي أدلّل فيهنّ الرّجاء المخيّبا تنكّر لي عند المشيب _ و لا قلى _ فمن بعض نعماه الكهولة و الصبا و من حقّه أن أحمل الجرح راضيا و من حقّه أن لا ألوم و أعتبا و ما ضقت ذرعا بالمشيب فإنّني رأيت الضحى كالسّيف عريان أشيبا يمزّق قلبي البعد عمّن أحبّهم و لكن رأيت الذلّ أخشن مركبا و أستعطف التاريخ ضنّا بأمّتي ليمحو ما أجزى به لا ليكتبا و يا ربّ : عزّ من أميّة لا انطوى و يا ربّ : نور وهّج الشرق لا خبا و أعشق برق الشام إن كان ممطرا حنونا بسقياه و إن كان خلّبا و أهوى الأديم السّمح ريّان مخصبا سنابله نشوى و أهواه مجدبا مآرب لي في الرّبوتين و دمّر فمن شمّ عطرا شمّ لي فيه مأربا *** سقى الله عند اللاذقيّة شاطئا مراحا لأحلامي و مغنى و ملعبا و أرضى ذرى الطّود الأشمّ فطالما تحدّى و سامى كلّ نجم و أتعبا و جاد ثرى الشهباء عطرا كأنّه على القبر من قلبي أريق و ذوّبا و حيّا فلم يخطئ حماة غمامه وزفّ لحمص العيش ريّان طيّبا و نضّر في حوران سهلا و شاهقا و باكر بالنّعمى غنّيا و متربا و جلجل في أرض الجزيرة صيّب يزاحم في السّقيا و في الحسن صيّبا سحائب من شرق و غرب يلمّها من الريح راع أهوج العنف مفضبا له البرق سوط لا تندّ غمامة لتشرد إلاّ حزّ فيها و ألهبا يؤلفها حينا و تطفر جفّلا و حاول لم يقنط إلى أن تغلّبا أنخن على طول السماء و عرضها يزاحم منها المنكب الضخم منكبا فلم أدر هل أمّ السماء قطيعه من الغيم أو أمّ الخباء المطنّبا تبرّج للصحراء قبل انسكابه فلو كان للصحراء ريق تحلّبا و تعذر طلّ الفجر لم يرو صاديا و لكنّه بلّ الرّمال و رطّبا و يسكرها أن تشهد الغيم مقبلا و أن تتملاّه و أن تترقّبا كأنّ طباع الغيد فيه فإن دنا قليلا . نأى حتّى لقد عزّ مطلبا و يطمعها حتّى إذا جنّ شوقها إليه انثنى عن دربها و تجنّبا تعدّ ليالي هجره و سجيّة بكلّ مشوق أن يعدّ و يحسبا و يبده بالسقيا على غير موعد فما هي إلاّ لمحة وتصبّبا كذلك لطف الله في كلّ محنة و إن حشد الدّهر القنوط و ألّبا إلى أن جلاها كالكعاب تزيّنت لتحسد من أترابها أو لتخطبا *** و مرّت على سمر الخيام غمامة تجرّ على صاد من الرّمل هيدبا نطاف عذاب رشّها الغيم لؤلؤا وتبرا فما أغنى و أزهى و أعجبا حبت كلّ ذي روح كريم عطائها فلم تنس آراما و لم تنس أذؤبا و جنّت مهاة الرّمل حتّى لغازلت و جنّ حمام الأيك حتّى لشبّبا و طاف الحمام السمح في البيد ناسكا إلى الله في سقيا الظماء تقرّبا عواطل مرّ المزن فيهنّ صائغا ففضّض في تلك السّهول و ذهّبا و ردّ الرّمال السمر خضرا و حاكها سماء و أغناها و رشّ و كوكبا و ردّ ضروع الشاء بالدرّ حفّلا لترضع حملانا جياعا و تحلبا و حرّك في البيد الحياة و سرّها فما هامد في البيد إلا توثّبا و لا عب في حال من الرّمل ربربا و ضاحك في غال من الوشي ربربا و جمّع ألوان الضياء و رشّها فأحمر ورديّا و أشقر أصهبا و أخضر بين الأيك و البحر حائرا و أبيض بالوهج السماوي مشربا و لونا من السّمراء صيغت فتونه بياضا نعم لكن بياضا تعرّبا أتدري الرّبى أنّ السماوات سافرت لتشهد دنيانا فأغفلت على الربى ألمّ بكفي النجوم و أنتقي مزرّرها في باقتي و المعصّبا دياري و أهلي بارك الله فيهما و ردّ الرّياح الهوج أحنى من الصبا و أقسم أنّي ما سألت بحبّها جزاء و لا أغليت جاها و منصبا و لا كان قلبي منزل الحقد و الأذى فإنّي رأيت الحقد خزيان متعبا *** تغرّب عن مخضلّة الدوح بلبل فشرّق في الدنيا وحيدا و غرّبا و غمّس في العطر الإلهيّ جانحا و زفّ من النّور الإلهيّ موكبا تحمّل جرحا داميا في فؤاده و غنّى على نأي فأشجى و أطربا
| |
|