● بلل الفراش ليلاً, ظاهرة موجودة عند عدد لا بأس به من الأطفال, إذ تبلغ نسبة الأطفال, الذين يبللون فراشهم ليلاً, حوالي عمر السنوات الثلاث, نحو 50 في المئة, معظمهم من الذكور, وهناك ملايين من الأطفال موزعين في كل أنحاء العالم, يبللون فراشهم ليلاً, على الرغم من بلوغهم سن المراهقة.
● ويشعر معظم هؤلاء الأطفال بأن هناك خطأ ما يتسبب في هذه المشكلة, بينما يشعر بعض الأهل, أحياناً, بأنهم هم سبب المشكلة, وذلك لأنهم لا يملكون المهارة الكافية التي تؤهلهم لتربية أطفالهم. في حين يعتقد البعض الآخر أن استمرا الأطفال في عمر ست سنوات و ما بعدها في بلل فراشهم يعود إلى الكسل؛ ولكن الكسل ليس مشكلة معظم الأطفال يبللون فراشهم ليلاً. فهناك ثلاثة أسباب فسيولوجية رئيسيةهي وراء المشكلة, و هي:
1. عدم نمو مثانة بعض الأطفال بشكل كامل؛ لذا, وبسبب ضعف عضلة المثانة, تكون الإشارات التي تصدرها خفيفة, بحيث لا يلحظها الطفل فيسارع إلى الحمام لإفراغها؛كما أن هذا الضعف لا يمكن الطفل من حبس بوله إلى أن يستيقظ من نومه كلياً و يذهب إلى الحمام؛ مثل هؤلاء الأطفال يتوقفون عن بلل فراشهم ليلاً عندما يكبرون و يكتمل نمو مثاناتهم.
2. صغر حجم مثانة بعض الأطفال بحيث لا تستطيع استيعاب كمية البول الطبيعية التي تفرزها الكبد طوال الليل.
3. إفراز كبد بعض الأطفال كمية بول تزيد على الكمية الطبيعية التي تستطيع المثانة استيعابها, وهذا ينتج عن كمية السوائل الزائدة التي يتناولها الطفل قبل النوم, أو عن تناول الطفل أطعمة مثل الشوكولاته أو المياه الغازية, أو أدوية قبل النوم, أو بسبب إصابة الطفل بمرض السكري أو التهاب البول.
● إن ما يريح الأهل و يفرحهم, هو أنه عندما يصبح الأطفال في عمر خمس سنوات, يتوقف معظمهم عن التبول ليلاً في فراشهم من دون أي تدخل.
ومن بين الأطفال الذين يستمرون في بلل فراشهم بعد سن السادسة, ينهي معظمهم هذه المرحلة و يحافظون على فراشهم جافة, خلال السنة التالية, من دون الخضوع لأي علاج. بينما تستمر نسبة 2 في المئة من المراهقين في بلل فراشهم ليلاً حتى و هم في سن الخامسة عشر؛ فإذا لم تتم معالجتهم في سن المراهقة, سترافقهم مشكلة بلل الفراش ليلاً كل حياتهم.
● وعلى الأم أن تتعاون مع طفلها للتغلب على هذه المشكلة, و ذلك ببذل الجهد و المثابرة و الصبر. أما في حال لم يتوقف الطفل عن التبول في ثيابه أو عن بلل فراشه ليلاً, فيجب استشارة الطبيب المتخصص.
إضافة إلى الأسباب الفسيولوجية, هناك أسباب أخرى وراء بلل الطفل لفراشه ليلاً, منها:
1. الضغط : و ينتج هذا الضغط عن ولادة طفل آخر في العائلة, أو عند ذهاب الطفل إلى مدرسة جديدة, أو بسبب تغيير المعلمة في المدرسة, أو تغيير المنزل و الانتقال إلى منزل جديد, أو أي تغيير يطرأ فجأة على حياة الطفل.
2. روتين جديد: عادةً عندما يبدأ الطفل في الذهاب إلى الروضة أو المدرسة, يواجه مشكلة التوفيق بين جدوله الجديد و عاداته السابقة في الذهاب إلى الحمام, فبعض الأطفال يشعرون بعدم الراحة في استخدام حمام غي حمام المنزل, أو يشعرون بالحرج من استئذان المعلمة للذهاب إلى الحمام, أو يخافون من الذهاب إلى الحمام, أو يخافون من الذهاب إلى الحمام وحدهم من دون وجود فرد من العائلة إلى جانبهم.
3. الغضب: عندما يغضب الطفل من الأهل, يمكن أن يقرر الرد بالقيام بعمل يعرف جيداً أنه يثير غضبهم, مثل التبول في ملابسه الداخلية.
4. التركيز على اللعب: في العادة, ينهمك الأطفال كثيراً في أنشطتهم لدرجة نسيان و أكثر ما يحصل هذا الأمر في المدرسة, حيث تطرأ تحولات عديدة تتنافس مع اهتمامات الطفل: من اللعب, إلى النوم, إلى الأكل, إلى الذهاب إلى الحمام, إلى أنشطة أخرى تؤدي إلى حيرة الطفل في انتقاء الخيار الصحيح.
5. الإمساك: عندما يعاني الأطفال إمساكاً مصحوباً بتحركات مؤلمة, يخاف أحياناً من الذهاب إلى الحمام, و في محاولة منه لتفادي الألم, يبدأ الطفل, ومن دون وعي منه, في كبح التحركات بالضغط على مسالكه البولية, رافضاً الذهاب إلى الحمام عند شعوره ببداية التحركات. ثم فجأة و أثناء انشغال الطفل باللعب أو الرسم أو أي أنشطة أخرى, يصبح الضغط على المثانة شديداً, بحيث لا تحتمل أي تأجيل, فيبول في ثيابه.
وفي بعض الأحيان يكون السبب وراثياً.
● و مهما كانت أسباب تبول الطفل في فراشه أو ثيابه, فإن الحدث يسبب له الشعور بعدم الرضا و بالإحراج له كما لأهله. فبلل الفراش ليس مزحة في نظر الطفل, كما يجب ألا يكون مزحة بالنسبة إلى الأهل. و من دون الحصول على مساعدة, لا يستطيع طفل يعاني تأثيرات نفسية بسبب تبوله في فراشه ليلاً, الإبقاء على فراشه جافاً.
ويستطيع الأهل اتخاذ خطوات محددة لمساعدة طفلهم في كفاحه ضد هذه الآفة. و أولى هذه الخطوات أن يكونوا متأكدين من أن الطفل لا يبلل فراشه عمداً.
و الثانية, أن طفلهم في حاجة إلى تشجيع منهم للتوقف عن التبول في الفراش أو في ثيابه.
● وبعدما يتفهم الأهل هاتين الخطوتين, عليهم اتباع خطوات أخرى يمكن أن تقود إلى توقف الطفل عن تبليل فراشه ليلاً, ومنها:
1. أن تكون الأم حساسة وتتفهم وضع طفلها: إن حدثا مثل بلل الفراش ليلاً, أو بلل الثياب, يعتبر صفعة حقيقية لكبرياء الطفل و اعتزازه بنفسه, خاصة إن حصل بلل الثياب في المدرسة. لذا, على الأم أن تبذل جهداً خاصاً, و تكون متفهمة عندما يبلل الطفل فراشه أو ثيابه, و أ تطمئنه و تتعاطف معه, و عليها ألا توبخه, ولا تضغط عليه, ولا تصر عليه ليشرح لها أو يكلمها عما حصل إذا لم يكن الطفل راغباً في ذلك. في العادة, عندما يبلل الطفل فراشه أو ثيابه, يفقد شجاعته و أعصابه, لدرجة أنه يرفض تصديق ما حصل, حتى لو كانت العلامات واضحة وظاهرة للعيان. و على الأم ألا تطلب من طفلها الاعتراف بما حصل( فهي تعرف ما حصل و هو يعرف ما حصل), بل عليها الاكتفاء بهذا الحد. و إذا كانت الأم بالقرب من طفلها عندما يبول في ثيابه, فعليها فقط تغيير ثيابه و عدم الإشارة إلى الموضوع, بل عليها التحدث في موضوع لا علاقة له بالحدث, بدلاً من التعليق على ما حصل, و القول له " أنت طفل مزعج ", فهذا الكلام هو التصرف الأسوأ من جانب الأم.
2. الاعتراف بكل انجازات الطفل: على الأم أن تصفق دائماً لطفلها و تمدحه كلما تمكن من التبول في الحمام بدلاً من ملابسه. ولكن, عليها أيضاً أن تنظر إلى إنجازاته الأخرى و تصفق لها. مثلاً: أن تمتدحه عندما يلبس معطفه وحده, وعندما يجمع ألعابه و يضعها في مكانها المخصص, و عندما يرسم فرد من الأسرة, حتى لو لم تكن متقنة, و عندما يتذكر غسل يديه قبل تناول طعامه. فكلما شعر الطفل بالاعتزاز بنفسه, زادت فرص تبوله بالحمام بدلاً من ثيابه.
3. تخفيف الضغط على الطفل: أحياناً, يمكن أن يتسبب الضغط الزائد, (سواء أكان الضغط لدفع الطفل إلى استخدام الحمام, أم ليأكل ما يقدم له, أم ليتصرف تصرفاً معيناً, أم ليكون متفوقاً في المدرسة و ناجحاً في حياته الاجتماعية), في وقوع الطفل في حيرة من أمره, وعدم القدرة على فهم المطلوب منه. و أكثر ما يحير الطفل هو السبب الذي يجعله يبول في فراشه أو في ثيابه. لذا, على الأم ألا ترهق طفلها بكثرة طلباتها أو توقعاتها منه.
4. محاربة الإمساك: إذا كان الإمساك هو السبب الرئيسي وراء تبول الطفل في فراشه ليلاً, فعلى الأم محاولة التغلب على هذه المشكة بإعطاء طفلها أطعمة غنية بالألياف, و كثيراً من العصائر المختلفة و السوائل, خاصة السوائل الحارة,مثل الشوربة. كما أن إعطاء وجبات صغيرة عديدة, بدلاً من ثلاث وجبات فقط, يمكن أن يعطي النتيجة المرجوة. و الأغذية الغنية بفيتامين C مفيدة أيضاً في مثل هذه الحالات. وعلى الأم ألا تتوقف عن إعطاء طفلها الحليب. فهو, خلافاً لما هو شائع, لا يزيد المادة المخاطية عند الطفل, و هي المادة التي تسبب الإمساك.
5. التعامل مع الإسهال: يمكن أن يكون الإسهال هو سبب تبول الطفل في فراشه أو ثيابه. في هذه الحالة على الأم أن تنتبه إلى طعام الطفل. و هناك احتمال كبير أن تكون كمية العصير التي يتناولها الطفل في اليوم الواحد, هي التي تسبب له الإسهال لذا, على الأم أن تقلل الكمية, و أن تخلط العصير بالماء, و أن تعطيه ماء بدلاً من العصير أحياناً. كما أن إعطاء الطفل كمية زائدة من الفواكه الطازجة أو المجففة و الأطعمة الغنية بالألياف يزيد من احتمال إصابة الطفل بالإسهال و يفاقم المشكلة. في مثل هذه الحالة, على الأم أن تتوقف عن إعطاء طفلها هذه الأصناف من الأطعمة لمدة أسبوع على الأقل, ثم تراقب عدد المرات الذي يذهب فيها الطفل إلى الحمام.
6. طلب الحصول على مساعدة مدرسية: على الأم أن تطلع معلمة طفلها على مشكلته, و لكن عليها أن تحرص على ألا يعرف أحد غير المعلمة بالمشكلة, حتى لا يتضاعف شعور الطفل بالإحراج. عليها التأكد من أن حياة طفلها الروتينية لم تتغير في المدرسة, لأن أي تغيير يطرأ على حياة الطفل, مهما كان صغيراً, يمكن أن يتسبب في التبول اللاإرادي. وقد يشكل خجل الطفل من استخدام الحمام بوجود أطفال آخرين سبباً إضافياً لتبوله في ثيابه. في هذه الحالة, يمكن أن تطلب الأم من المعلمة أن تعرض على الطفل الذهاب إلى الحمام بعدما تؤمن خلوه من أطفال آخرين, إذا كانت هذه هي رغبته, أو إذا كان هذا ما يحتاج إليه.
7. النوم الكافي: إذا نال الطفل قسطاً وافراً من النوم, يمكن أن يتوقف عن التبول في الفراش أو في ثيابه. بعض الأطفال يحافظون على فراشهم جافاً بمجرد حصولهم على نصف ساعة نوم إضافية.