مساء الخير
هذه حكاية حقيقية من
التاريخ ورغم غرابتها فهي حقيقية وتعلمنا
الكثير
في مكان متواضع فقير في
حاضرة الدولة الأموية في الأندلس كان ينام ثلاثة حمّالين وكان الناس يطلقون على الحمّال الذي ينقل على
حمار(حمّارا ) وخلال تسامرهم قال أحدهم
وهو (محمد بن عامر) زميليّ الحمّارين افترضا أنني خليفة
فما تطلبان ...وتتمنيان عليّ فعله لكما .فضحكا من كلامه ساخرين ( أنت حمّار وكفى ...ولا تصلح لغير هذا ولا تملك من
صفات الخليفة شيئا ) ولكنّه ألحّ عليهما أن يفترضا هذا فوافق أحدهما وجاراه (وأخذه على قدّ عقله ) أطلب عشرة من الخيل الأصيلة ومئة جارية ومئة ألف دينار ....وراح محمد
ابن أبي عامر يسبح في خياله يأمر وينهى
ويسترخي على عرش ملوك بني أمية ..........ممممممم هي لك يا صاحبي...
وأنت ما تطلب ....؟؟؟؟ لكنّ الآخر سخر منه كثيرا واستمرّ في ذلك
ولكن ابن أبي عامر ظلّ يلحّ عليه حتى قال: إن صرت ملكا
فاجعلني على حمار ووجهي إلى الوراء ولينادي مناد في شوارع المدينة أني دجّال
محتال ...
انتهت
المسامرة وآوى الحمّارون الثلاثة كلّ إلى ركنه
لكنّ محمد ابن أبي عامر راح
يفكر بالخطوة الأولى ....لن أصبح ملكا إن
بقيت حمّارا وقرر
البدء وحدد خطوته الأولى ...وهي بيع الحمار ...
وفي
الصباح باع الحمار
وانطلق للخطوة التالية وهي
الانضمام إلى الشرطة وكان له ذلك وراح يبذل جهدا كبيرا في عمله كذلك الجهد
الذي كان يبذله وهو حمّال حتى وثق به
رؤساؤه وصار يترقى على مدار سنوات
طويلة بذل فيها الكثير حتى صار رئيسا
للشرطة في بلاد الأندلس وشاءت الظروف أن
يموت الخليفة وتنتقل الخلافة لولده هشام ( المؤيد بالله) وكان طفلا لا يقوى على
إدارة شؤون البلاد فتم تعيين محمد ابن أبي عامر وصيّا عليه مخافة إن عينوا وصيّا أمويا أن يستأثر بالخلافة وكان معه في
الوصاية ابن أبي غالب والمصحفي ... ثم استطاع أن يكسب ثقة أمّ هشام واتخذ قرارات حصرت الحكم في يده وجهز الجيوش وغزا وأقام المدن وازدهرت الأندلس
في عصره وصار لقبه الحاجب المنصور وقد خاض نيفا وخمسين معركة لم تنهزم فيها رايته
وفيه قال الشاعر:
آثاره تنبيك عن أخباره
حتى كأنّك بالعيان
تراه
تالله لا يأتي الزمان بمثله
أبداً ولا يحمي الثغور سواه
وتذكّر صاحبيه بعد ثلاثين عاما من تلك المسامرة فأرسل في طلبهما فوجدهما على ما هما عليه في
ذات المكان وفي ذات المهنة ....وحين مثلا بين يديه ذكّرهما بما كان فعرفاه وتذكّر كلّ منهما طلبه .....وكان لكلّ منهما ما طلب يومها
ما رأيكم ..زملائي
أن( نبدأ الخطوة الأولى) فنبيع أفكارنا التي تقول لنا ( لا نصلح لغير ما نحن فيه)...
ولنتذكر قول الشاعر العربي
إذا القوم قالوا : من فتى خلت أنني عُنيت فلم اكسل ولم أتبلد