جمال الطرابلسي Admin
عدد المساهمات : 228 تاريخ التسجيل : 10/11/2010
| موضوع: قراءة في قصة (المرتبة المقعرة ليوسف إدريس) الأربعاء فبراير 29, 2012 11:51 pm | |
| أسعدتم مساء لا يمكن لأحدنا أن ينتصر في الحياة دون أن يحتك بها،
ويتصادم مع روادها، ويحاول جاهدا أن يكون رقما صعبا فيها ..
مهما حمل المرء منا من مُثل وقيم ومبادئ إلا أنه
من أجل تغليب هذه القيم، وجعلها حيه تنبض بين الناس،
فهو مُجبر أن يغوص في عالم البشر(بلاحدود) ويتفاعل معهم
ويستمع إلى بعض ما يكره، ويرى ما لا يحب أن يراه ..
في قصته الرائعة القصيرة ( المرتبة المُقعرة)"
يحكي يوسف إدريس قصة رجل متزوج حديثا،
يحمل قيما ومبادئ سامية، لكنه يرى أن الناس ليسوا
بالمستوى المطلوب كي يتفاعلوا مع ما يحمله
من أفكار ثمينة عظيمة قرر الرجل (الانتظار) وراح ينتظر الوقت المناسب حتى يصبح الناس
مؤهلين للتفاعل مع القيم التي يحملها، فنام على المرتبة
الرائعة الجديدة التي اشتراها، ثم قال لزوجته :
انظري من النافذة هل تغيرت الدنيا !؟.
فردت زوجته : لا، فقال لها : إذن سأنام يوما آخر ..!
وكلما استيقظ الرجل سألها نفس السؤال، وهي ترد عليه
بنفس الإجابة، إلى أن مر زمن طويل، لم يتغير فيه
أي شيء، اللهم إلا المرتبة الصلبة الجميلة المُريحة
التي كان ينام عليها فقد تقوست حتى ابتلعت جسده كله،
وحينما مات الرجل ووضعوا الملاءة فوقه استوي سطح
المرتبة بلا أي انبعاج، فلقد ابتلعته تماما !.
لم تتغير الدنيا، الشيء الوحيد الذي تغير أنه قد اختفى
في تجويف كريه، صنعه بتكاسله وسلبيته وانعدام بصيرته،
بينما في الحياة وعلى الصفحات تدور معركة الخير والشر بلا هوادة .
منا كُثر يدمنون الشكوى والتذمر ومواجهة العالم بسيل
من النقد والعدوانية، يُحملون البشر مسؤولية عدم
جاهزية العالم للتفاعل مع قيمهم السامية، وأفكارهم العظيمة،
ورؤيتهم الثاقبة المذهلة
فنجدهم منسحبون مهزومون !.
هؤلاء المساكين لا يدركون أنّ النصر لا يأتي إلا بعدما
تكتحل العيون بغبار المعركة، وأن الغارقين في
مستنقع الحياة ينتظرون
كثيرا سينتظرون وسيدفنون في حفرة انتظارهم | |
|