موضوع: عيد النيروز ...وعيد الرابع ...وكلّ عام وأنتم بخير الأربعاء مارس 21, 2012 3:34 pm
ماذا عن عيد النيروز .........؟؟؟؟؟؟؟
لقد ارتبط (النيروز) في العصر الحديث بالأخوة الكرد وغالبا ما كانت مظاهرهم الاحتفالية تتعرض للمنع في كلّ دول المنطقة وكان ينظر لها على أنها سلوك مريب دائما وتلصق بالنيروز والاحتفالات المرافقة له كلّ أنواع التكفير والتحريم وتمارس عليه أشد أنواع القمع
لم يعترف أحد بهذا العيد لأنّ هذه الدول التي ينتشر فيها الكرد لم تعترف بوجودهم كواحد من المكونات القومية للمجتمع ولا حتى كمكوّن ثقافي ..ومورس عليهم من التغييب أنّ تكتب على هوياتهم (عربي ) أو (تركي) وتمنع لغتهم من التداول بينهم في بعض اللغات
لكنّ نظرة واعية هادئة على تاريخ المشرق من البوسفور إلى بلاد الهند تجعلنا نعرف أنّ هذا الشعب تمتدّ جذوره الحضارية إلى أكثر من ثلاثة آلاف عام قبل الميلاد ..وأنّه صنع حضارة حقيقية ما زلنا ننهل منها بحكم التلاقح الحضاري الفريد لأبناء هذه المنطقة
وهنا سأكتفي بالحديث عن النيروز ولا أريد تشتيت الموضوع
كلمة نيروز (من اللغة البهلوية الفارسية القديمة وهي اللغة الكردية التي كتب فيها كتاب كليلة ودمنة ) وتعني (ني :جديد ـــ وروز : يوم ) أي اليوم الجديد وطريقة اللفظ تختلف اليوم بحسب اللهجات الكردية
ونحن مازلنا نستخدم كلمة (روز نامه ) وكلمة نامه تعني متتالي فيكون معنى روز نامه يومية
وطبعا ليس مصادفة أن يكون هذا اليوم يوم النيروز متوافقا مع الانقلاب الربيعي ورأس السنة الفارسية فهو رأس السنة البهلوية الكردية منذ الدولة الميديّة الثانية
وليس مصادفة أن يرتبط بولادة الحياة الجديدة بعد موت (الشتاء )...وهكذا تعتبر حكاية النيروز أصلا لحكايات القيامة التالية في أساطير الحب والخصب فحكاية عشتار وجلجلمش هي أساطير كردية
فكانت قيامة السيد المسيح في الربيع وهي (تمثل عبورا جديدا نحو الحياة ) وقبلها قيامة أدونيس ...
وقد عمت ظاهرة النيروز الاحتفالية كعيد للربيع لتشمل الكون بأشكال وأسماء مختلفة ففي قريتي ومعظم قرى الجبال الساحلية كنا نحتفل بالنيروز في احتفالات كبيرة جدا تسمى ( الرابع ) وهي تبدأ في الرابع من نيسان بالتقويم الشرقي وتمتد هذه الاحتفالات إلى أسابيع ولكل يوم من هذه الاحتفالات اسم خاص به وأذكر منها ( يوم الزهوريات ) وكانت احتفالاتنا متطابقة مع احتفالات الكرد من حيث الشكل والمضمون فحلقات الدبكة في الطبيعة وتكاتف أيدي الشباب والصبايا وارتداء الثياب الجديدة ذات الألوان الفاتحة وانتشار الأحمر والزهري والأصفر ....وغير ذلك وقد بلغت هذه الاحتفالات ذروتها في السبعينيات من القرن الماضي وتوقفت فجأة بسبب جرائم عصابات الإخوان المسلمين في بداية الثمانينيات
وهي في مصر تسمى أعياد شم النسيم
وكما في كلّ الظواهر الكونية ..يتمّ عبر الأجيال صوغ الظاهرة الكونية بحكاية ..أسطورية قد يكون لها جذور واقعية وقد لا يكون ...فالتجسيد الاجتماعي للانقلاب الربيعي وولادة الحياة الجديدة واليوم الجديد الذي تنتصر فيه ( الشمس ) بما تمثل على الليل ..الظلام بما يمثل فيصبح النهار أطول .
هذا الإطار عبر عنها الكرد بحكاية الحداد (كاوا ) وهي تروى بأشكال مختلفة ومضمون واحد وهو انتصار الخير ..والحق على الشر والباطل
وقد قرأت أول الصبا حكاية الحداد كاوا من خلال الملحمة الكبرى المسماة (الشاهنامه) للشاعر الفردوسي قرأتها مترجمة عن اللغة البهلوية الكردية .إلى الفارسية ثم العربية ..وفيما يلي إحدى صيغ حكاية الحداد كاوا وهذه من تراث الدولة الميديّة الثانية في غمرة صراعها مع الامبراطورية الآشورية
كاوا الحداد بطل أسطورة كردية يرمز الى إشراقة شمس الربيع أو الحياة الجديدة الخصبة التي تعتبر عيد النوروز عند الأكراد يحكى أنه كان يوجد ملك شرير يطالب الأهالي التضحية بأطفالهم من أجل إطعام أدمغتهم إلى أفعتين كان يملكهما و كانت الطبيعة قد أصابت المملكة بلعنة عدم شروق الشمس نتيجة جرائم الملك و شروره و كان (كاوا) الحداد المحلي لتلك المملكة قد أكره من قبل الملك على التضحية ب 16 من أبناءه ال 17 و لما وصلت التضحية الى طفله ال 17 و كان أنثى فكر (كاوا) بخدعة و هي أن يقدم دماغ خروفه لأفاعي الملك الذي لم يميز الفرق،، وهكذا أنقذ طفلته وأرسلها الى الجبال للبقاء بعيدا عن شر الملك ، علم أهالي المملكة بخدعة كاوا و أصبحوا يضحون بخرافهم لأفاعي الملك و يرسلون أطفالهم الى كاوا الحداد للإنضمام الى ابنته في الجبال ..و استمرت شرور الملك إلا أن قاد كاوا جماهيرا من الأكراد (الذين ترعرعوا في الجبال أطفالا ) و أطاح بمملكة الملك صاحب الأفاعي و شره المستطير .. و كان ذلك سببا في شروق الشمس وعودة الربيع و الدفء و الخصوبة للحياة ، و لذلك يعتبر 21 آذار عيد النوروز عند الأكراد و بداية العام الجديد.