دراسة عن بعض الفنون النثرية
القصة
هي عمل أدبي يقوم به فرد واحد ويتناول فيها جانبا من جوانب الحياة.
1- ويختلف موضوعها باختلاف ثقافة كاتبها وميوله، وإذا تناول القَاص حدثا من أحداث الحياة أخضعه لأسلوبه وفكره ومن هنا يأتي اختلافه عن غيره.
ثم هو ينقل لنا صورة من صور الحياة ندركها مما نقرأ في قصته إدراكاً عقلياً، ومن هنا يأتيِ الفرق بين القصة والمسرحية.
والقصة حدث أو أحداث قد تكون من واقع الحياة وقد تكون متخيلة ولكنها ممكنة الوقوع، أما القصة في أدب ما يسمى بـ " اللامعقول " فإنها نوع من العبث الفكري يحب ألا يلتفت إليه لخلوها من الفائدة.
2- وأنواع القَصة ثلاثة:
أ- الأقصوصة وتكتب في صفحة أو صفحتين ولا يسمح ميدانها بتعدد الأحداث والشخصيات.
ب- القصة وهي أطول من الأقصوصهّ وتكتب من فصل واحد عادة.
جـ- الرواية وتتعدد فصولها ويسمح ميدانها بتعدد الأحداث والشخصيات أكثر من القصة.
3- أما عناصر القصة فأربعة.
أ- الحدث: وهو الذي تدور حوله أحداث العمل القصصي.
ب- البداية: وهي التي يكون فيها عمل القاص ممهدا لما يأتي بعده.
جـ- العقدة أو التعقيد: وهي النقطة التي تشتبك فيها الأحداث ويتأزم الموقف فتنطمس أمام القارئ معالم الحل ويصبح في شوق شديد إلى معرفته.
د- الحل أو النهاية: ويجب ألا تأتي دفعهَ واحدة بل يمهدها بما يجعلها طبيعية يسير فيها القارئ تدريجياً حتى يعرف الحل في آخر المطاف لكي لا تفتر عزيمته ويذهب شوقه قبل الفراغ من العمل القصصي.
4- القصة في العصر الحديث: حين جاء العصر الحديث لم تكن كتابة القصة أمرا معروفاَ في المجتمع العربي فلما صدرت صحيفة الوقائع بدأ كتابها ينشرون فيها بعض الحكايات المقتبسة من كليلة ودمنة، وألف ليلة وليلة ونحوها، ثم اتجه الكتاب إلى كتابة محاولات جديدة لكنها كانت شبيهة بالحكاية، ومثال ذلك ما كان يكتبه عبدالله النديم في مجلته الساخرة [التبكيت والتنكيت] وكان يلح فيها على العادات والتقاليد التي بدأت تختل في المجتمع المصري إذ ذاك.
ثم اتجه كتاب القصة إلى صوغ القصص الواردة في القرآن الكريم والحديث الشريف وأخبار الصحابهّ رضوان الله عليهم ومن تبعهم، ثم الحكايات الواردة في تاريخ العرب وهذا يوضح الاتجاه الإسلامي الذي ساد في مصر إذ ذاك نتيجة للحملات التي أحسوا باشتدادها ضد العرب والمسلمين.
وكان الشاميون أول من ارتاد ميدان القصص والحكايات فكتبوا في ذلك قصصا حاولوا فيها نصر الفضيلة على الرذيلة لكنهم أفسدوا من حيث أرادوا الإِصلاح، لشيوع الجنس والجريمة فيما كتبوا.
5- وترجمت القصص الأجنبية وبدأ الناس يحاولون تقليدها ويحاكون نسجها وكان أول ما ظهر في ذلك قصة " وادي الهموم " لمحمد لطفي جمعه، ثم " زينب " لمحمد حسين هيكل. وعمد بعض الكتاب إلى اختيار نماذج جيدة من القصص الغربي كانت تترجم ثم تصاغ بتصرف وتهذيب في قالب عربي وأفضل ما ظهر من ذلك [مجدولين] و[الفضيلة] و[في سبيل التاج] و[الشاعر] وقصص أخرى قصيرة كلها كانت تترجم للأديب الأزهري مصطفى لطفي المنفلوطي فيصوغها بأسلوبه وعباراته السلسلة ولغته الجيدة السهلة ويطبعها بفكره ورأيه، وبدأ الأساتذة الكبار يرتادون ميدان القصة فكان أن كتب فيها أحمد زكي، وأحمد حسن الزيات،و الدكتور طه حسين، وغيرهم.
6- ولم ينتصف القرن العشرين حتى كان الفن القصصي قد استوى على سوقه ثم برز فيه كتاب كان لهم شأنهم في عالم القصة كتوفيق الحكيم، ومحمود تيمور، ونجيب محفوظ، ومحمد عبد الحليم عبد الله، وأمين يوسف غراب، ووداد سكاكينيِ، ويعد محمود تيمور أول من كتب القصة القصيرة المكتملة فنياً، وإن كان هؤلاء جميعاَ وكثيرون غيرهم لم يلتَزموا أدب الإسلام وروحه تماما فيما يكتبون.
7- وقد تنازع القصة اتجاهان أحدهما- وهو الأقوى- الاتجاه الاجتماعي الذي يهدف إلى معالجة أمراض المجتمع والرائد الأول في هذا الميدان محمد حسين هيكل وتبعه على ذلك جل كتاب القصة وإن كانتَ معالجة أكثرهم لهذه الأمراض توجد أمراضاً أخرى.
أما الثاني فالاتجاه النفسي ومن رجاله المازني والعقاد.
8- ويعد محمود طاهر لاشين أول من فتح باب العامية على القصة فتبعه على ذلك كثيرون من كتاب القصص حتى أفضى عملهم هذا إلى سيطرة العامية على القصة العربية في آخر القرن الرابع عشر، إلا ما ندر.
9- وكان لقصص الأطفال نصيب من العناية وأشهر من كتب في هذا كامل كيلاني وله في ذلك مجموعات من هذه القصص لكن الخرافة تسود بعضاً منها.
موضوع: القصة العربية إطلالة على البدايات /منقول 
الثلاثاء ديسمبر 07, 2010 4:14 pm
